ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

التَّجَنّي هو اتهام الآخر بجناية لم يرتكبها

16:54 - November 20, 2022
رمز الخبر: 3488658
بيروت ـ إکنا: التَّجَنّي هو اتهام الآخر بجناية لم يرتكبها، ومن المعلوم عقلاً وشرعاً قُبحَ وحُرمة أن يتَّهِمَ شخصٌ شخصاً آخر بجناية من دون حجّة قاطعة، ولو أجاز العقل والشَّرع ذلك لفُتِحَ الباب أمام أي شخصٍ أن يتجَنّى على الآخرين بما شاء ومتى شاء.

ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "التَّجَنِّي أَوَّلُ القَطِيْعَةِ" 

التَّجَنّي هو اتهام الآخر بجناية لم يرتكبها، ومن المعلوم عقلاً وشرعاً قُبحَ وحُرمة أن يتَّهِمَ شخصٌ شخصاً آخر بجناية من دون حجّة قاطعة، ولو أجاز العقل والشَّرع ذلك لفُتِحَ الباب أمام أي شخصٍ أن يتجَنّى على الآخرين بما شاء ومتى شاء.

المُلفت للنظر أن جميع بني الإنسان يرفضون التَّجَنّي نظرياً، بل يُقَبِّحونَه، لكن الكثير منهم يفعله، والبعض منهم يُبرِّر له، ومنهم من يتقرَّب إلى الله بتجنّيه على سواه، إذ يرى فيه انتصاراً لرأيه، أو لعُصبته، أو لحزبه، أو لمذهبه، أو لدينه، وما نراه من تَجَنٍّ بين الجماعات والأحزاب والمذاهب والأديان أمر يندى له جبين المُنصف الحُرِّ الذي لا يطمئن إلا بالحق والحقيقة، ويكفي الباحث المُنصف أن يجول على كُتُبِ المذاهب المختلفة فسيجد فيها كمّاً هائلاً من التجنِّي على بعضها، جماعات تَتَّهم جماعات بالكفر، ومذاهب تتهم مذاهب بالضلال والشرك، وكُلٌّ يُقَوِّلُ الآخر ما لم يقل، وينسب إليه ما ليس فيه.

ولو بحثتَ في وسائل الإعلام الناطقة باسم دول أو أحزاب أو جماعات، أو مذاهب دينية، فالأصل فيما تنشره الأكاذيب والأباطيل والاتهامات الباطلة والتَّجنّي دون حياء ولا اعتبار للحق والحقيقة، ما يجعل الوِلدان شِيباً.

ولا يقتصر الأمر على ما سبق، فَلو قُدِّرَ لك أن تستمع إلى زَوجٍ يريد أن ينفصل عن زوجه لسمعت منه عجباً من التَّجَنّي عليه، ينعته بأقبح الصفات، ويكشف منه أقبح العورات، ويلصق به أسوأ الأفعال، ولا يبقي من إيجابياته شيئاً ولا يَذَر.

وإنك لترى التَّجَني هو المتسَيَّد اليوم بين الأخ وأخيه، وبين الجار وجاره، وبين الصديق وصديقه، وبين مختلف الناس، ولا أحد منهم يَرعَوي عن الاتهام بالباطل، أو يستنكف عن القول بغير حجة، بل يستسهلون ذلك استسهالهم شرب العطشان للماء، بل يَعُدّون ذلك دليلاً على ذكائهم واحترافهم في مواجهة الخصوم والأعداء.
 
والهدف من تجَنِّي هذا وذاك، وهذه وتلك، ليس الانتصار للحق، ولا كشف الزيف والباطل، لا، ليس الهدف ذلك، إنما هو التبرير للقطيعة بينه وبين من يتجَنّى عليه، والتمهيد لها، ودفع الأمور باتجاهها حتى إذا نضجت الظروف وتكاملت الأسباب أعلن القطيعة مع من كان يشاركه الحياة أو العمل أو الوطن أو الدين.

ومن المعلوم أن ذلك من أسوأ الفِعالِ، وأقبح الأساليب، ولا ينبغي لعاقل يحترم عقله، ويُقّدِّر ذاته، ويخاف ربه أن يلجأ إلى هذا الأسلوب، والحق أنه لا حاجة إليه، فإن أردت أن تقطع فلستَ مضطراً إلى التَّجَنِّي على غيرك، ففي ذلك من الافتراء والبُهتان ما لا يخفى، وفيه من الظلم والجَور والعُدوان ما لا يمكن تبريره على الإطلاق. 

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

أخبار ذات صلة
captcha