ایکنا

IQNA

جواهر عَلَويَّةٌ...

منَ الإنصاف أن يُنْصِف الإنسانُ خالقه ويُقِرَّ له بالرُّبوبية

15:12 - November 21, 2022
رمز الخبر: 3488675
بيروت ـ إکنا: منَ الإنصاف أن يُنْصِف الإنسانُ خالقه، فيُقِرَّ له بالرُّبوبية، ولنفسه بالعبوديَّة، وأن يُنصِفَ نَفسَه من نَفسِه، فيعطيها ما يجب مِمّا فيه منفعة لها مادية كانت أم معنوية، ودنيوية كانت أم أخروية.

منَ الإنصاف أن يُنْصِف الإنسانُ خالقه ويُقِرَّ له بالرُّبوبيةرُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "الإِنْصافُ يَرْفَعُ الخِلافَ وَيُوجِبُ الائتِلافَ"

الإنصاف لغة: مأخوذٌ من النِّـصْـف، وأصل استعماله في الشيء يكون مشتركا على التساوي بين اثنين، فمن أخذ نِصفه بلا زيادة فقد أنصف، ومن أعطى شريكه نصفه بلا نقصان فقد أنصَفَ، ومن حَكمَ أو قَسَم بين شريكـين، فأعطى كل واحد نِصفه بلا زيادة ولا نقصان فقد أنصَفَ. ثم اتسع استعمال اللفظ ومشتقاته، للدلالة على التَّسوِيّة بين الناس فيما لهم وما عليهم، سواء كان النِّصف أو غيره مما هو مستحق، وسواء كان ذلك في الأشياء، أوفي الأفعال، أوفي الأقوال. 

وقيل: الإنصاف: العدل في المعاملة، وذلك بألَّا يأخذ الإنسان من صاحبه من المنافع إلا ما يعطيه، ولا يُنيله من المَضارِّ إلا كما يناله منها، ومنَ الإنصاف أن يُنْصِف الإنسانُ خالقه، فيُقِرَّ له بالرُّبوبية، ولنفسه بالعبوديَّة، وأن يُنصِفَ نَفسَه من نَفسِه، فيعطيها ما يجب مِمّا فيه منفعة لها مادية كانت أم معنوية، ودنيوية كانت أم أخروية، ويمنع عنها ما يدفع الضُّرَّ عنها، ويعترف بالحق الذي عليها ولا يحتاج أن يُشْهَدَ عليه، وأن يُنصِفَ النّاسَ بأن يعاملهم بِمثل ما يُحبُّ أن يعاملوه به.

الإنصاف صِفة حميدة يجب أن تعامل بها المؤمن في مختلف مجالات حياته، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "سَيِّدُ الأَعمالِ إِنصافُ النَّاسِ مِنْ نَفسِكَ..." وكشف الإمام أمير المؤمنين (ع) عن بركات الإنصاف على المَرْءِ: "أَلا إِنَّهُ مَنْ يُنْصِفُ النَّاسَ مِنْ نَفسِهِ لَمْ يَزِدْه اللهُ إلّا عِزّاً".

وقد يجب الإنصاف في بعض الموارد، كما في القضاء حيث يجب على القاضي أن يُنصِفَ بين المتخاصِمَين، فيساوي بينهم في الجلوس، والنظرة، والكلام معهما، والإنصات إليهما، والإذن في الدخول عليه، وطلاقة الوَجه، وأن يُنصِفهم من نفسه، فيعطيهم حقهم ويأخذ حقَّه، كي لا ييأسا من عدله وإنصافه، وكذلك يجب الإنصاف بين أبنائه حتى لا يوغِرَ صدورهم ويؤَسِّسَ للحسد بينهم، وكذلك يجب الإنصاف في قسمة المال والإرثِ المُرَدَّد بين شخصين.

وعلى المؤمن أن يكون مُنصفاً مع من يتفق معه ومع من يختلف معه، سواء كان الخلاف في أمر مادّي، أو أمر فكري ومعنوي، ويشتد الحثُّ عليه حين يكون مع من يختلف معه من أخصامه وأعدائه، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"﴿8/ المائدة﴾. فالله سبحانه ينهى الذين آمنوا أن يَحمِلَهم البُغض والشَّنَآن لأعدائهم على أن يميلوا عن العدل والإنصاف معهم، وهذا إجراء إيجابي رفيع يحمِلُ النفسَ على الإنصاف والعدل مع المبغوضين. وهو ميزة تربوية رائعة يربّي الدين أتباعه عليها.  

إن اختلاف الناس عن بعضهم بعضاً ينشأ منه نزاعات وخلافات، والدِّين يحرص بشدَّة على حَلِّ النزاعات، والتقليل من الخصومات، وتأليف القلوب، ولا يكون ذلك إلا بالعدل والانصاف.

بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

captcha