ورُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "رَأْسُ الْعُيُوبِ الْحِقْدُ".
الحِقْدُ في اللغة إمساك العَداوة في القلب والتربص لفرصتها. وفي اصطلاح علماء الأخلاق طلب الانتقام وتحقيقه. وقيل: هو سوء الظن في القلب على الخلائق لأجل العداوة.
وهو واحد من الأمراض النفسية الخطيرة، بل يُعَدُّ من أكثرها خطورة لأنه يجمع أمراضاً نفسية كثيرة مثل الحسد والأنانية وسواهما، وإنه ليكمن في النفس ويحرِّضها على الإضرار بمن يحقد عليه وبماله وسمعته وعرضه وكرامته، ولا تبرأ النفس من شروره إلا إذا جاهدها المرء وهَذَّبها وعالج أسباب حقده، وقضى على رواسبه فيها، ولا يُتاحُ له ذلك إلا إذا اطلع على مخاطر الحقد عليه، والآثار السلبية التي يُخَلِّفها في نفسه، وعلى علاقاته مع الناس، إذ حال الحقود كحال الحسود فكما يقتل الحسد الحسودَ كذلك يقتل الحقد الحَقود، ويُحيل حياته قلَقاً وتوتراً فقلب الحَقود دائم الغليان بالكراهية والحسد، يُخرج حِمَماً تقتله وتقتل الذي يحقد عليهم، وذلك يضغط على القلب ويراكم عليه أعباءً قاتلة، فيصاب بأمراض عديدة.
ما يلفت النظر في النصوص الدينية أنها اعتبرت الحِقد داءً ومرضاً وليس مجرد رذيلة من الرذائل، يقول أمير المؤمنين (ع): "الحَقُودُ مُعَذَّبُ النَّفسِ مُتَضاعِفُ الهَمِّ" والملفت في هذه التعبير الكشف عن الآثار السلبية للحقد بحيث أنها تتضاعف وتزداد مع الأيام إن لم يسارع المرء إلى علاجها، ولهذا يقول (ع): "مَنْ اطَّرحَ الحقْدَ استَراحَ قَلْبُهُ ولُبُّهُ".
وبهذا يتبين أن أئمة الدين قد سبقوا إلى الكشف عما اكتشفه الباحثون المعاصرون، ولا عجب في ذلك فإن الدين وتعاليمه وحي من الله، والله سبحانه خالق الإنسان وخبير محيط به يعلم نقاط قوته ونقاط ضعفه، وقد جعل للدين هدفاً واحداً وهو بناء الإنسان السليم الكامل وذلك يلزم منه أن يكشف له عن أمراضه النفسية ومناشئها ويقدم العلاج لها.
تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي: