ایکنا

IQNA

المرجع الراحل الحكيم كان كثير الإهتمام بالعوائل العلمية النجيفية

16:56 - September 07, 2021
رمز الخبر: 3482433
المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم(قدس سره) كان يرى أن زيارة الأربعين تظهر قوة التشيع وقوة الحق على الباطل كما أنه كان كثير الإهتمام بالعوائل العلمية النجفية.

وتميزت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) بظاهرة الإبداع في تفعيل حركة الفكر الإسلامي، في فروعه ومجالاته المختلفة من بحوث العقيدة والقرآن والتربية والفقه وغيرها، حيث تميزت بالعمق والنقاء والأصالة والحيوية معبّرة في ذلك كله عن نهج الإسلام الأصيل وثقافته الحيّة.

إن مهمّة الملائمة والتكييف بين النظرية والتطبيق في علم الفقه الإسلامي لم تنطلق بعيدة عن الامتداد الطبيعي لعمق البحث الفقهي، واتصاله بالحياة انطلاقاً من منطق: (الفقه يحكم الحياة)، ذلكم لأن حقيقة البحث الفقهي ليست مجرد عملية تجميع وترتيب ذهني فحسب، بل ان من نتائج عملية الاستنباط ـ فيما تقرره من عناصر ومقومات ـ هو مجال التطبيق للنظريات العامة، التي تبرز أهمّيتها في الدقة والعمق عند التطبيق.

وقد اكتسبت مدينة النجف الأشرف في العراق ـ عبر مسيرة تطورها الحضاري ـ مكانة الأصالة، فكانت وما تزال مركز إشعاع، ومصدر إلهام، يرفد معينها الثر مصادر المعرفة الإسلامية في مختلف نواحيها المشرقة، وهي بما تحمله من عناصر النجاح والنموّ تراها كل حين تمتلك مقوّمات الجامعة العلمية الفاضلة التي تحقق في خصوبتها حلم الفكر الخلاق، عبر مسيرة تاريخية امتدت معالمها إلى أكثر من ألف عام حتى اليوم، وبخاصة فيما يتعلق بعلوم الشريعة الإسلامية وآدابها ومن الصفحات المضيئة الجديرة بالذكر سيدنا المعظم المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد الحكيم (قدس سره).

وهو السيد محمد سعيد نجل آية الله السيد محمد علي بن السيد أحمد بن السيد محسن بن السيد أحمد بن السيد محمود بن السيد إبراهيم (الطبيب) بن الأمير السيد علي الحكيم ابن الأمير السيد مراد الطباطبائي.

ولد عام (1329 هـ)، تتلمذ على الإمام الحكيم(قدس سره) وآية الله الميرزا السيد حسن البجنوردي(قدس سره)، وآية الله الشيخ عبد الحسين الحلي(قدس سره)، كما حضر لدى آية الله المحقق الشيخ محمد حسين الأصفهاني(قدس سره) بحوثه في أصول الفقه.

ورفد الحوزة العلمية المباركة بالكثير من العلماء والأفاضل الذين تربّوا في درسه وحوزته حيث كان يهتمّ كثيراً بتربيتهم الإيمانية والأخلاقية مضافاً إلى الاهتمام العلمي، وتميز بنظر ثاقب ودقة التقييم للأحداث والمتغيرات والظواهر الاجتماعية، وكذلك إهتمامه البالغ بتثبيت خط آل البيت (عليه السلام) ونهجهم وثقافتهم.

وله آثار علمية كثيرة، ومنذ أن انتمى سماحة السيد الحكيم(دام ظله) في بداية سني حياته للحوزة العلمية عايش التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية ووعى مسؤولية علماء الدين وتصديّهم للتيارات المنحرفة الوافدة والأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة فتم اعتقاله في في25 رجب 1403 هـ  ـ 18 /ذي القعدة/ 1411هـ 9/ 5 / 1983 م ـ 7 /6 /1991م.
 
وقد كان سيدنا المترجم له ووالده آية الله السيد محمد علي الحكيم (مد ظله) واخوانه وأولاده من جملة المعتقلين(19)، وتمّ التركيز في التحقيق الذي واجهه السادة آل الحكيم في معتقل مديرية الأمن العامة سيء الصيت على مجموعة بشكل خاص منهم سماحة السيد نفسه، إلاّ ان الله تعالى بلطفه دفع عنه شرّ الظالمين(20).

ومنذ الفترة الأولى من انتهاء التحقيق في مديرية الأمن العامة في بغداد تكيّف سماحته مع جوّ الاعتقال، وكان يؤكد على باقي المعتقلين باستمرار على أهمية التسليم لله تعالى وإيكال الأمر إليه وتقوية العزيمة والصبر، رافضاً كل فكرة للمساومة والتنازل للسلطة، كما بدأ بدرس في تفسير القرآن الكريم ـ رغم عدم وجود أي مصدر سوى مصحف صغير متآكل ـ إلاّ أن عملاء السلطة احسّوا بالدرس وفتحوا تحقيقاً حول الموضوع علماً أن التثقيف الديني داخل السجن حُكمه الإعدام لدى نظام الطاغية صدام، فاضطرّ لترك الدرس المذكور، إلاّ أن مجالس المناقشة العلمية ـ السّرية طبعاً ـ بقيت كما تصدى سماحته لإحياء المناسبات الدينية من خلال المحاضرات، وتحفيظ بعض شباب الأُسرة القصائد الدينية التي كان يحفظها في ذاكرته ليلقوها ـ بسّرية ـ في تلك المجالس التي كانت تقام بسرّية تامة بعيداً عن مراقبة أعوان السلطة.

وفي الشهر الثالث من عام 1985م نقلت السلطة المعتقلين من السادة آل الحكيم من معتقل مديرية الأمن العامة في بغداد إلى الأقسام المغلقة التابعة لقسم الأحكام الخاصة في سجن أبي غريب، بعد أن أعدموا منهم 16 شهيداً خلال وجبتين، وادخلوهم إلى ما يسمى ق 2 وجمعوهم في غرفتين مستقلتين مقفلتين بحيث لا يمكن لأية مجموعة الالتقاء ورؤية المجموعة الأخرى.

ورغم الظروف المعيشية القاسية في هذه الأقسام المغلقةـ والتي لا مجال لشرحها هنا ـ إلاّ انها من ناحية أخرى فتحت مجالاً رحباً نسبياً للنشاط العلمي والتربوي والتثقيفي للسادة آل الحكيم بسبب كثرة عدد السجناء واهتماماتهم الدينية والثقافية، بالإضافة إلى ابتعاد السجن عن رقابة السلطة نسبياً، بسبب قلة تردد عناصر جهاز الأمن وحذرهم من عدوى مرض التدرن المنتشره بين السجناء، حتى كان بعضهم يلبس الكمامات عند دخوله إلى السجن.

وأما ما يتعلق بدوره الاجتماعي فقد كان(قدس سره) يهتم بأمور المسلمين في جميع أنحاء العالم وينشر مؤسساته العلمية ليستفاد منها المسلمون.

وكان يرى أن زيارة الاربعين تظهر قوة التشيع وقوة الحق على الباطل فقد كان يدعم هذه المسيرة بكل أشكال الدعم المادي والمعنوي ويشارك بها ويحث عليها.

ومن خصوصياته التي عاشرناها انه يهتم بدعم الشعائر الحسينية، وكان كثير الاهتمام بالعوائل العلمية النجفية، ومن خصوصياته الدرسية انه كان لا يرغب بالتعطيل ويواصل الدرس رغم صعوبته عليه بسبب وضعه الصحي.

وكان عنده في يوم الاربعاء موعظة لطلبته يرشدهم الى أهم الامور الاخلاقية والاجتماعية.
 
وتُوُفِّيَ سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، يوم الجمعة، اثر سكتة قلبية مفاجئة عن عمر 87 عاماً.

فسلام عليه يوم ولد ويموم مات ويوم يبعث حيا اسكنه الله فسيح جنانه.
 
بقلم الباحث والمؤلف والمحقق العراقي "آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي"
captcha