ایکنا

IQNA

الشخصیات القرآنیة / 19

سيدنا یوسف(ع)؛ بطل أجمل قصة بالقرآن

10:32 - December 07, 2022
رمز الخبر: 3488909
طهران ـ إکنا: وصف سيدنا یوسف (ع) بالرجل الجمیل والعالم إذ إستطاع بعلمه في تعبیر المنام إنقاذ مصر من المجاعة.

یوسف؛ بطل أجمل قصة بالقرآنیوسف (ع) من أنبیاء بني إسرائیل وإنه من أبناء یعقوب (ع) وأمه "راحیل" وکان له أحد عشر أخاً غیر شقیق إلا واحد.

ويعتبر سيدنا يُوسف(عليه السلام) من الأنبياء الذين ورد ذكرهم 27 مرة في القرآن الكريم، فقد جاء اسمه 25 مرة في سُورة يُوسف، ومرة واحدة في سورة الأنعام، ومرة في سورة غافر، فسيدينا يُوسف هو ابن نبي الله يعقوب ابن إسحاق عليهما السلام، وهو من الأنبياء الذين اصطفاهم الله لهداية الناس.

ووصف القرآن الکریم قصة یوسف بـ أحسن القصص.

وتعَدّ قصة يوسف عليه السلام هي إحدى قصص الأنبياء القرآنيّة التي ذُكرت أحداثها بالتفصيل؛ حيث أنزل الله تعالى فيها سورة كاملة منفصلة تتحدث عن قصّة نبي الله يوسف وأبيه يعقوب(عليهما السلام) وإخوته، كان ليوسف(عليه السلام) مكانة كبيرة في قلب أبيه يعقوب(ع)، وقد حظي منه على حب كبير ظاهر، وقد جعل ذلك أخوته يحسدونه على ذلك الحبّ ودبّت في قلوبهم الغيرة منه.

وكان لـ يوسف عليه السلام أحد عشر أخاً، وكان أبوه يحبه كثيراً. وذات ليلة رأى يوسف في منامه أحد عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين. فقص على والده رؤياه، فنصحه بألا يقص الرؤيا على إخوته؛ مخافة أن يحسدوه. وسوس الشيطان لإخوته، فاتفقوا على أن يلقوه في بئر عميق.

وتطوّر حقد وكره أخوة يوسف له حتّى قرروا أن يتخلّصوا منه فاقترحوا قتله؛ فقال أحدهم أنّ إلقائه في البئر أفضل من قتله، فبعد أن ألقاه أخوته في البئر، جلس يوسف(ع) هناك منتظراً رحمة الله تعالى وفرجه؛ حتّى مرّت مجموعة من المسافرين؛ فألقوا دلوهم في البئر ليشربوا وحين أخرجوه خرج لهم يوسف(ع)، فاستبشر الرجل الذي رآه وقال: "يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ"، وتظاهروا بأنّه بضاعة من بضاعته التي جلبوها، ورأوا أنّهم يمتلكونه، وحين علم أخوة يوسف بأنّ هناك أناساً أخذوه، لحقوا بهم وبيّنوا لهم أنّ الغلام يعود إليهم؛ فشروه منهم ببضع دراهم، ثم باعوه لرجل من مصر، وقد كان وزيراً فيها، وقد وصف الله تعالى المشهد حين عاد لزوجته وقال لها: "وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا "، وبذلك نزلت رحمة الله تعالى ولطفه على يوسف(ع) ومُكّن له في الأرض.

وكبر في بيت العزيز وزوجته، وحين بلغ أشدّه حاولت امرأة العزيز فتنته وأرادت أن توقعه في الفاحشة، فراودته عن نفسه واستدرجته، لكنّ يوسف(ع) تذكّر الله سبحانه وتعالى وتذكّر فضل العزيز عليه وقال: "مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"، فقد اعتبر يوسف(ع) فعل ذلك خيانةً وظلماً لنفسه وظلماً للعزيز الذي أكرمه وآواه في بيته، واستعاذ بالله تعالى من هذه الفتنة ولجأ إليه ليحصّنه منها، وهرع إلى الباب هرباً منها ولكنها لحقته وأمسكت بقميصه من الخلف فانشق في يدها، قال تعالى: "وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ"، وحينها ظهر زوجها؛ فاشتكت يوسف -عليه السلام- إليه واتّهمته بأنّه يحاول أن يغويها.

يوسف(ع) في السجن

وقرر العزيز وبعض أهله أن يضعوا يوسف(ع) في السجن على الرغم من علمهم ببراءته، وعزموا على أن يضعوه في السجن مدّة من الزمن بنيّة رد التهمة عن امرأة العزيز وتجنباً لغوايتها به مرّة أخرى.

ودخل يوسف(ع) السجن ظلماً، وهناك التقى العديد من البشر، وقد اشتهر عنه فيما بينهم؛ بأنّه شخص صالح، صادق الحديث، كثير العبادة، كما أنّه أمين ومُحسن.

ويستمر القرآن في سورة يوسف بسرد تفاصيل هذه القصّة؛ فبعد أن لبث يوسف(ع) سنوات أخريات في السجن، رأى عزيز مصر في حُلمه أنّ هناك سبع بقرات هزيلات ضعاف يأكلن سبع بقرات كبيرات سمان، ثم رأى سبع سنبلات خضر وأخرى مثلهنّ لكن يابسات، وحين طلب من حاشيته أن يخبروه عن تفسير هذه الرؤيا اعتذروا بأنّهم لا يعلمون تفسير الرؤيا، وأنّ ذلك الحلم قد يكون مجرد خربطة أحلام، وسمع الفتى الذي كان مع يوسف(ع) في السجن ذلك وأشار عليهم بمن يفسّر لهم تلك الرؤيا، وأخبرهم أنّ يوسف قادر على تأويلها، قال تعالى: "وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ".

وقد فسرّ يوسف -عليه السلام- حلم العزيز وأخبرهم بأنّهم ستمّر عليهم سبع سنين فيهنّ رزق وبركة بسبب الخصب والأمطار، ونصحهم بأن يحفظوا من هذا الحصاد ما يكفيهم للسنين القادمة، وأشار عليهم بأن يتركوا الحصاد في سنبله حفظاً له من الفساد، وأن يبقوا قليلاً منه للأكل، ثمّ أخبرهم أنّ السنوات التي ستأتي بعد هذه السنين سنواتٌ سبع فيهنّ جدب وشدّة؛ فيستهلكون ما حفظوه من غلّة السنين الماضية، وبعد هذه السبع العجاف ستأتيهم سبع سنين ينزل فيها عليهم الغيث، وتخصب الأرض وتغلّ ويعصر الناس مما يخرج من الأرض من زيت وعنب ونحوه.

براءة يوسف وخروجه من السجن

وطلب الملك من حاشيته أن يأتوه بيوسف -عليه السلام- بعد أن فسّر له رؤياه، إلّا أن يوسف(ع) رفض ذلك حتى تظهر براءته للناس ويعلموا أنّه عفيف ولم يقترف شيئاً، وحتّى لا يبقى في نفس الملك على يوسف شيئاً، فقال لرسول الملك: "ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيدِهِنَّ عَلِيمٌ"، وحين سألهن الملك اعترفن بأنّ يوسف(ع) كان بريئاً واعترفت امرأة العزيز أنّها هي من رادوته عن نفسه، ولمّا ظهرت للملك براءة يوسف أمر بإخراجه من السجن، فخرج(ع).

وطلب يوسف(ع) من الملك بعد أن أخرجه من السجن وأكرمه بأن يجعله وزيراً للخزينة، فقال: "اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ"، فقبل الملك ذلك وأعطاه مفاتيح الخزينة، وهذا من رحمة الله تعالى وتمكينه ليوسف(ع) وفضله عليه.

وأنقذ یوسف (ع) مصر من مجاعة حتمیة إطلع علیها بعد تفسیره لمنام عزیز مصر الذي کلفه بالخزائن وإدارتها حتی تمر مصر من أزمة الشح والقحط التی إستمرت لسبع سنوات.

لقاء يوسف بإخوته

قدّر الله سبحانه أن يكون لقاء يوسف بأخوته في سنين الجدب، حين عمّ القحط واشتدّت السنين على الناس؛ فخرج أهل فلسطين وفيهم أخوة يوسف إلى مصر لعلهم يجدون هناك مؤونة يرجعون بها إلى أهلهم، وحين دخلوا على أخيهم يوسف(ع) وكان حينها وزيراً لم يعرفوه، ولكنّه عرفهم، وطلب منهم أن يأتوا بأخيه بنيامين، وإن امتنعوا عن ذلك فلن يعطيهم المؤونة، فرجعوا إلى أبيهم ليقنعوه وأخبروه أنّ الوزير طلب جلب أخيهم؛ ليعطيهم من المؤن، وطلبوا من أبيهم أن يأخذوا معهم بينامين لكنّه رفض بدايةً عندما تذكّر ما فعلوه بيوسف(ع) قبلاً، ثمّ فتّشوا أمتعتهم ووجدوا أموالهم ومؤنهم موجودة؛ فأخبروا أباهم بذلك وبيّنوا أنّ أخذهم لأخيهم سيزيد من المؤن التي سيحصلون عليها؛ فقبل بعد ذلك وقال لهم: "لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ ۖ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ".

ورجع أخوة يوسف إلى مصر ودخلوا عليه ومعهم أخوه بنيامين، ولأنّه أراد أن يُبقي أخاه عنده احتال لذلك حيلة، فأمر الذين عنده أن يضعوا كأس الملك الذي يشرب به في متاع أخيه بينامين، ولمّا بدؤوا بالسير خارجين؛ نادى عليهم وكيل يوسف(ع) متهماً إياهم بالسرقة، ولكنّهم بيّنوا أنّهم لم يسرقوا، وقد أُخبروا أنّ السارق سيصير عبداً عند الملك، وحين بحث الجند في متاعهم وجدوا الكأس في متاع أخيه، فأبقاه يوسف (ع) عنده جزاء سرقته.

ورجع أخوة يوسف إلى أبيهم وأخبروه بما حصل، وطلبوا منه أن يسأل القافلة التي كانت معهم أو أن يسأل القرية التي كانوا فيها عن صدق ما قالوا، فلم يصدّقهم وقال لهم: "بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ"، وحزن حزناً شديداً وبكى حتى أفقده البكاء نظره، وقد لامه أولاده على كثرة ذكره ليوسف(ع)، وسلّم أمره لله تعالى، ثم أمر أولاده بأن يعودوا إلى مصر ويبحثوا عن إخوانهم يوسف وبينامين وأخبرهم ألّا ييأسوا من رحمة الله تعالى؛ فأطاعوا أبيهم وخرجوا إلى مصر مرّة أخرى.

تعارف الإخوة والتقاء الأسرة

ورجع أخوة يوسف إليه كما أمرهم أبوهم وحين دخلوا عليه قالوا: "يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ"، فرجوه أن يتصدّق عليهم ويرحم ضعف أبيهم الذي فقد بصر عينيه من فراق أبنائه، وحين علموا أنّه أخيهم يوسف طلبوا منه الاستغفار لهم، فقال: "لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"، وقد أرجع يوسف(ع) فعلهم إلى جهلهم وظلمهم لأنفسهم، ثم أعطاهم قميصه وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم ويلقوا القميص على وجهه وبشّرهم أنّه سيعود له بصره، وحين رجعوا أحسّ أبوهم بريح يوسف، وألقى البشير القميص على وجه يعقوب -عليه السلام- فعاد له بصره، وطلبوا من أبيهم الاستغفار لهم ففعل، وخرجوا جميعهم إلى مصر ليلتقوا بيوسف(ع)، وعندما دخلوا إليهم سارع إلى أبويه وأمّنهم من الخوف والقحط، وجعلهم بجانبه على العرش، وألقي إخوته له ساجدين، ولمّا رفعوا رؤوسهم ذكّر أباه برؤياه من قبل، وحمد الله -تعالى- على ما أنعمه عليه من الحرّية والمُلك، وبأن أصلح الله -تعالى- بينه وبين إخوته.

عظات وعبر من قصة يوسف عليه السلام

امتلأت قصّة يوسف(ع) بالعبر والمعاني التي ترفع من المستوى الإيمانيّ والأخلاقيّ والسلوكيّ للمؤمن، وقد ارتكزت هذه القصة على ثلاث محاور أساسية؛ هي الثقة بتدبير الله، والصبر على المصيبة، وترك اليأس؛ فيتوكّل العبد على الله تعالى ويعلم أنّ كل ما يحصل له فيه حكمة قد يعلمها وقد تخفى عنه، وهو في ذلك كلّه صابر محتسب متوكل على الله  مستسلم لقضائه وقدره، وهو لا ييأس من تنزل رحمة الله تعالى عليه، فيُبقي اتّصاله بالله تعالى ودعاءه له حاضراً، كما يشكر الله تعالى دائماً، ويُرجع الفضل له أولاً وآخراً.

وتعددت الروايات في المكان الذي دُفن به نَبي الله يوسف(ع) لكن أرجحها أن قوم سيدنا يوسف(ع) اتفقوا على وضعه في صندوق من المرمر ويدفنوه في نَهر النيل، وظل مدفوناً هناك إلى أن أوحى الله إلى نبي الله موسى(ع) أن ينقل قبر سيدنا يوسف إلى بيت المقدس عند آبائه.

أخبار ذات صلة
captcha